يقول المفكر و المؤرخ المغربي عبد الله العروي: “عندما نقول: الموروث أو التراث، فإننا نشير إلى مجموعة من الأشكال الكلامية، أو السلوكية، التي انحدرت إلينا من الأجيال السالفة، وبالتالي فإن كلمة تراث تعني كل ما هو موروث في مجتمع معين عن الأجيال الغابرة: العادات، والأخلاق والآداب، والتعابير، وهذا يعني بالضبط ما تؤديه كلمة تراث”.( عبد الله العروي (1988) ثقافتنا في ضوء التاريخ، المركز الثقافي العربي المغرب، ص 192-191 )
هناك من المؤرخين من يعتقد أن الطربوش موروث جاء من تركيا وبلاد البلقان أو أنه يونانى الأصل أتى به الأتراك، لكن حقيقة الطربوش الأحمر المغربي تبدأ مع الصدر الأعظم خسرو محمد باشا الذي ولد في شمال القفقاس عام 1776م وقدم إلى تركيا صغيرا، و تولى عدة وظائف في الدولة العثمانية وأصبح واليا على مصر في 13 جمادى الأول 1216 هـ / 1801م واستمر إلى 14 محرم 1218 هـ / 1803م أي إلى ما بعد انسحاب وخروج الفرنسيين من مصر، و تولى مناصب أخرى ومنها منصب والي المورة ومنصب قائد البحرية العثمانية، و بعد انقضاء سلطنة السلطان محمود الثاني وتولي السلطان عبد المجيد الأول السلطنة العثمانية أختار خسرو محمد باشا صدرا أعظم لوزارته في 25 ربيع الثاني 1255 هـ / 1839م واستمر في منصبه حتى 7 ربيع الثاني عام 1257 هـ / 1841م.
يقال بعد زيارة خسرو محمد باشا للمغرب، لاحظ أن معظم المغاربة يرتدون الطربوش المغربي الأحمر الفاسي فوق رؤوسهم، مما أثار إعجاب محمد باشا إلى درجة أنه وضعه فوق رأسه بكل حب و انبهار، و خلال تلك الفترة نال الطربوش الأحمر المغربي إعجاب السلطان العثماني عبد المجيد الأول (1823-1861)، حيث بدأ انتشاره بشكل ملحوظ سنة 1840 ، و أطلقوا عليه اسم طربوش فاس نسبة إلى مدينة فاس التي ينتمي إليها الطربوش المغربي
أشار المؤرخ العثماني قدير مسيروغلو إلى أن الطربوش جاء من فاس المغربية، و قال بالحرف الواحد:
"هذا الطربوش المسمى فاس / بالتركية Fes ، أتى من مدينة فاس المغربية، وعندما وصل لاسطنبول قاموا بتطويله قليلا ثم أطلقوا عليه اسم اسطنبولي".
استمر استعماله من طرف العثمانيين والأتراك حتى عام 1925 عندما أصدر رئيس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك أمرا بالغائه
و سيظل الطربوش الأحمر المغربي من بين الموروثات العريقة في تاريخ المغرب، حيث يرمز إلى عراقة التقاليد المغربية الأصيلة
