نموذج الفلتر الانتقائي، (Modèle du filtre selectif (Broadbent, 1958 بقلم مصطفى توفيق طالب باحث في علم النفس

 

دونالد برودبنت 




نموذج الفلتر الانتقائي، الذي قدمه البريطاني دونالد برودبنت في عام 1958
Modèle du filtre selectif (Broadbent, 1958)

يعتبر أحد النماذج الأساسية في علم النفس الاستدراكي ويساهم في فهم كيفية معالجة المعلومات في الدماغ البشري. يسلط هذا النموذج الضوء على كيفية تصفية المدخلات الحسية واختيار الانتباه للمعلومات المهمة، مما يؤدي إلى فهم أعمق لطريقة عمل العقل في التعامل مع البيئة المحيطة


يستند نموذج الفلتر الانتقائي إلى فكرة أن الدماغ يعمل كمصفاة تصفي المعلومات الواردة إليه، وذلك لتحديد المعلومات الهامة وتجاهل الغير هامة. يُعتبر الانتقاء أوليًا وتقع قبل تحليل المعلومات، حيث يتم تصفية المدخلات استنادًا إلى سمات بسيطة مثل الصوت أو اللون أو الشكل


يتمثل مفهوم الفلتر الانتقائي في الفكرة الأساسية للتركيز الانتقائي على مدخلات معينة بينما يتم تجاهل المدخلات الأخرى. وفي سياق هذا النموذج، يُعتبر الانتقاء عملية تلقائية وغير واعية، حيث يتم اختيار المدخلات للمعالجة اللاحقة دون وعي وتقدير من الفرد


يظهر هذا النموذج كيف يمكن للفرد التفكير في أكثر من مهمة في نفس الوقت، وتحديد الأولويات بين المعلومات المتنافسة. فعلى سبيل المثال، عندما يتحدث شخص مع شخص آخر في غرفة ممتلئة بالضوضاء، يمكن للفرد أن يركز على المحادثة الحالية ويتجاهل الضوضاء المحيطة بفضل عملية الفلتر الانتقائي


بالتالي، يعتبر نموذج الفلتر الانتقائي إحدى الأدوات الأساسية لفهم كيفية تحديد الانتباه وتصفية المعلومات في العقل البشري. ومن خلال دراسته، يمكن للعلماء والباحثين تطوير استراتيجيات فعالة لتعزيز الانتباه وتحسين أداء الذاكرة والتركيز في مجموعة متنوعة من السياقات والمهام


بعض الأمثلة التوضيحية لنموذج الفلتر الانتقائي


1
 تجربة  اختبار الحدث الغير متوقع
Cherry (1953)
   في هذه التجربة، طلب من المشاركين الاستماع إلى اثنين من الرسائل الصوتية في نفس الوقت، حيث كانت كل رسالة تأتي من متحدث مختلف. ثم، طُلب منهم تحديد المعلومات في إحدى الرسائل. أظهرت النتائج أن المشاركين كانوا قادرين على التركيز على محتوى رسالة واحدة فقط، مما يدعم فكرة وجود فلتر انتقائي يعمل على تصفية المعلومات


2
 تجربة الأمواج المختلطة 
(Mixed Waves Experiment)
   في هذه التجربة، عُرضت على المشاركين موجات صوتية مختلفة في كل أذن، مثل كلمات في أذن وموسيقى في الأذن الأخرى. ثم طُلب منهم التركيز على إحدى الموجات. وأظهرت النتائج أن المشاركين كانوا قادرين على التركيز على الموجة التي تم اختيارها وتجاهل الموجة الأخرى، مما يدعم مفهوم الفلتر الانتقائي.


3
 القيادة والتحدث في نفس الوقت
   عند القيادة لفترة طويلة، قد يجد الشخص نفسه يستمع إلى الموسيقى أو الأخبار في السيارة، ولكن عندما يحدث موقف طارئ مثل إشارة مرور متقاطعة أو إشارة إلى حادث، يصبح التركيز على القيادة الآن مهما، مما يعكس عملية الفلتر الانتقائي في تحديد الأولويات


4
 المحادثات الجماعية
   في مجموعات الدراسة أو الاجتماعات، يمكن للأشخاص أن يتحدثوا في الوقت نفسه عن مواضيع مختلفة، ومع ذلك، يمكنهم التركيز على الموضوع الذي يجدهم الأكثر أهمية، وتجاهل المحادثات الأخرى، مما يعكس مفهوم الفلتر الانتقائي في توجيه الانتباه


5
 التركيز في بيئة مزدحمة
   عندما يكون الفرد في مكان مزدحم مثل المطار أو المحطة، يتعرض للعديد من المؤثرات البصرية والصوتية مثل الإعلانات والضوضاء. ومع ذلك، يمكنه تحديد الأصوات أو المعلومات الهامة مثل إعلان الرحلة المغادرة أو الإشارة للطوارئ، في حين يتجاهل المعلومات الأخرى، وهذا يظهر فعالية الفلتر الانتقائي في تركيز الانتباه


6
 التدريس والتركيز الانتقائي
   عندما يكون المدرس في الصف الدراسي، يتعين عليه تصفية المعلومات الواردة من الطلاب وتحديد الأسئلة المهمة والملاحظات الهامة التي تتعلق بالموضوع المدرس، وهو مثال آخر على استخدام الفلتر الانتقائي في الحياة اليومية.


7
 القراءة والتحليل
   عند قراءة نص مكتوب، يمكن للفرد تحديد الأفكار الرئيسية والتركيز عليها، في حين يتجاهل التفاصيل الثانوية. يعكس هذا السلوك استخدام الفلتر الانتقائي لتحديد المعلومات الهامة للتفكير والتحليل

بهذه الأمثلة، يتضح كيف يمكن لنموذج الفلتر الانتقائي أن يفسر كيفية تصفية المعلومات وتوجيه الانتباه في مجموعة متنوعة من السياقات والمهام في الحياة اليومية