شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية حدثا مميزا في يوليوز 2024، حيث قدمت الطالبة الفلسطينية أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه تحت عنوان "دور الموروث الثقافي اللامادي في حماية هوية مدينة القدس". وتأتي هذه الأطروحة في إطار الجهود الأكاديمية المتواصلة لتعزيز الفهم والبحث حول الهوية الثقافية للمدن التاريخية، وخاصة مدينة القدس التي تمثل رمزا حضاريا وثقافيا ودينيا هاما. و تعد هذه الأطروحة بالنظر إلى موضوعها الذي تكرسه لدور الموروث الثقافي اللامادي في حماية هوية القدس، جد مهمة و مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى المكانة الخاصة التي تحتلها مدينة القدس في قلوب و وجدان المغاربة. و قد توقفت الطالبة الباحثة في اختيار موضوع يتميز بالجدية و الأصالة
تركز الأطروحة على استكشاف الدور الحيوي الذي يلعبه الموروث الثقافي اللامادي في الحفاظ على هوية مدينة القدس، في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها المدينة. و يتضمن الموروث الثقافي اللامادي كافة الممارسات والتقاليد والمعارف والفنون التي تنتقل عبر الأجيال وتشكل جزءا لا يتجزأ من هوية المدينة
ويأتي هذا العمل الجامعي في سياق بالغ الأهمية، نظرا لما تتعرض له مدينة القدس من محاولات لتغيير معالمها الثقافية و الاقتصادية و التاريخية، إذ تسلط الأطروحة الضوء على كيفية استخدام الموروث الثقافي كأداة مقاومة للحفاظ على الهوية الفلسطينية العربية للمدينة وتعزيز الصمود الثقافي في مواجهة السياسات التهويدية
و قد تالفت اللجنة العلمية المشرفة على مناقشة الأطروحة من مجموعة اكاديميين بارزين في مجال الدراسات الأدبية و الثقافية و التاريخية، و من بينهم الدكتور حسن الأعرج، و الدكتور عبد الرحمان اكيدر. لقد أعربت اللجنة عن إعجابها العميق بالبحث المقدم، مشيدة بجهود الطالبة في جمع وتحليل البيانات وتقديم رؤية متكاملة حول الموضوع
اعتمدت الطالبة منهجية شاملة ومتعددة التخصصات، تجمع بين التحليل التاريخي والدراسات الثقافية والمقابلات الميدانية. استندت الأطروحة إلى مجموعة واسعة من المصادر التاريخية والوثائقية، بالإضافة إلى الشهادات الحية من سكان المدينة والممارسين الثقافيين
و توصلت الدراسة إلى أن الموروث الثقافي اللامادي يلعب دورا محوريا في الحفاظ على هوية مدينة القدس، وذلك من خلال تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين السكان ونقل المعارف والتقاليد عبر الأجيال. كما أكدت الدراسة على أهمية دعم المؤسسات الثقافية والتعليمية التي تسهم في الحفاظ على هذا الموروث وتعزيزه
قدمت الأطروحة عدة توصيات مهمة، من بينها
:
تعزيز التوعية بأهمية الموروث الثقافي اللامادي من خلال البرامج التعليمية والمبادرات الثقافية
دعم وتشجيع الأبحاث والدراسات التي تسلط الضوء على التراث الثقافي للمدينة
التعاون بين المؤسسات الثقافية والتعليمية لتعزيز جهود الحفاظ على الهوية الثقافية
تشجيع الشباب على المشاركة في الحفاظ على التراث من خلال الفعاليات والأنشطة الثقافية
اختتمت الطالبة عرضها بالتأكيد على أن حماية هوية مدينة القدس ليست مجرد واجب أكاديمي بل هو واجب وطني وإنساني. وقد أشادت اللجنة العلمية بجهود الطالبة ومنحتها شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، تقديرا للبحث المميز والمساهمة القيمة التي قدمتها في مجال الدراسات الثقافية
وفي الختام، لا يسعنا الا ان نتقدم بخالص الشكر والامتنان إلى السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، الدكتور عبد الحميد بن الفاروق، لدعمه المتواصل ولتوفيره البيئة الأكاديمية الملائمة التي تساعد الطلبة الباحثين على إنجاز بحوثهم المتميزة