من خلال تتبع الشخصيات القيادية سواء على مستوى المجتمعات العربية أو الغربية، وعبر تحليل خطابات القادة وتحركاتهم وأثرهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يتضح أن المجتمعات العربية تعيش فعلا أزمة قيادة، أو بمعنى آخر وجود أشخاص في المناصب القيادية لا تتوفر فيهم شروط القيادة وسمات الشخصية القيادية كما حددها رواد علم القيادة (Lewin, Blanchard, R. Stogdill, G. Allport..). بل معظم القادة العرب ما زالوا يستغلون نظرية الرجل العظيم لصاحبها Thomas Carlyle صاحب كتاب: "عبادة البطل والبطولة في التاريخ
هذه النظرية تبحث في الأبطال العظام عبر التاريخ (نابليون، لوثر، روسو..) وتحدد القيادة في توافر قدرات خارقة وراثية لا توجد لدى كل الناس وتوجد فقط لدى الزعيم نظراً للبعد الوراثي الفطري. ورغم انتقاد هذه النظرية من طرف هربرت سبنسر واعتبارها غير علمية، وكذلك الانتقاد الذي تعرضت له من خلال رواية "الحرب والسلام" للكاتب تولستوي وآخرين، يمكن اعتبار هذه النظرية غير العلمية مصدر القيادة للعديد من القادة العرب كونها تشرعن الاضطهاد والقهر على الأتباع باسم الزعامة والبطولة المزعومة
في حين أن القائد الحقيقي، حسب العديد من الدراسات العلمية ( ستوكديل وآخرون)، يجب أن تتوفر فيه سمات شخصية محددة. وفي هذا السياق، قام ستوكديل بتحليل وتجميع أكثر من 124 دراسة للسمات بين عامي 1904 و1947 وخلص إلى السمات الثمانية التالية التي لابد من توافرها في القائد: الذكاء، اليقظة، البصيرة، المسؤولية، المبادرة، المثابرة، الثقة بالنفس، والمؤانسة
طبعا تم إضافة سمات أخرى من طرف علماء آخرين في علم القيادة لكنها تدور في نفس المنحى. ولكن لا يكفي فقط توافر هذه السمات، بل لابد من تفاعلها مع الظروف ومختلف المواقف، الأتباع، والتنظيم، حسب النظرية الموقفية مع بلانشارد وزملائه. وبالتالي، المتتبع لسلوك بعض القادة العرب سيجد أنهم يمتحون قصدا أو غير قصد من أصول نظرية الرجل العظيم.. (يتبع
الحسين ايت حدو
أخصائي في علم النفس
مراجع للتوسع
Leadership for the Twenty-First Century, by Joseph C: Rost. (1991)
Northouse, P. G. (2018). Leadership: Theory and Practice (8th ed.)
Thomas Carlyle(18841). Les héros « On Heroes and Hero Worship and the Heroic in History