الدكتور زيدان الخمايسة
ليس كل شخص فقد سمعه هو مرشح جيد لزراعة القوقعة
عملية زرع القوقعة هي إجراء جراحي يستخدم لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان السمع الشديد إلى العميق. وعلى الرغم من فوائدها الكبيرة في تمكين الأطفال من سماع الأصوات وتطوير مهارات اللغة والكلام، إلا أن هذه العملية تحمل بعض المخاطر والتحديات التي يجب أن يكون الآباء والأمهات على دراية بها قبل اتخاذ قرار الزرع
مثل أي عملية جراحية، تحمل عملية زرع القوقعة مخاطر مرتبطة بالتخدير والجراحة نفسها. يمكن أن تتضمن هذه المخاطر الإصابة بعدوى في مكان الجرح، أو حدوث نزيف، أو مشاكل في التئام الجروح. كما أن هناك خطر حدوث تلف في الأعصاب المجاورة، مما قد يؤدي إلى فقدان الإحساس أو ضعف العضلات في الوجه
بعد إجراء الزرع، يجب أن يخضع الطفل لفترة من التأهيل السمعي والتكيف مع الجهاز. قد يستغرق الأمر وقتا طويلا ليعتاد الطفل على الأصوات الجديدة ويتعلم تفسيرها. كما أن الجهاز يتطلب صيانة دورية وضبطا دقيقا للتأكد من عمله بشكل صحيح، وهذا يمكن أن يكون تحديا ماليا ولوجستيا للعائلات
قد يواجه الأطفال الذين يخضعون لعملية زرع القوقعة تحديات في التأقلم مع أقرانهم في المجتمع. قد يشعرون بالاختلاف أو الإحراج بسبب استخدامهم للجهاز، مما يمكن أن يؤثر على ثقتهم بالنفس وتفاعلهم الاجتماعي. لذلك، من المهم توفير دعم نفسي واجتماعي للطفل لضمان تحقيقه لتكيف ناجح واندماج اجتماعي سليم
هناك احتمال، ولو كان ضئيلا، أن يفشل الجهاز في العمل أو أن يواجه مشاكل تقنية. في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة لإجراء جراحة ثانية لإصلاح الجهاز أو استبداله، مما يزيد من المخاطر والتكاليف
في النهاية، تظل عملية زرع القوقعة خيارا حيويا لكثير من الأطفال الذين يعانون من فقدان السمع الشديد. ومع ذلك، من المهم أن يكون الآباء والأمهات على دراية بالمخاطر المحتملة والتحديات المرتبطة بها. يجب على العائلات العمل بشكل وثيق مع الأطباء والمختصين لضمان اتخاذ القرار الأنسب لرفاهية الطفل وتطويره السمعي والنفسي
من المؤسف أن بعض الجهات أو الأفراد يسعون للاستفادة من الأوضاع الإنسانية والصحية لتحقيق مكاسب شخصية. في سياق عمليات زرع القوقعة، يمكن أن يظهر بعض السماسرة أو المنظمات الذين يروجون لهذه العمليات تحت غطاء الأعمال الخيرية أو المجانية أو الصدقة الجارية، متجاهلين المخاطر المحتملة وتحديات هذه الإجراءات الطبية
تقوم هذه الجهات بتسويق عمليات زرع القوقعة وكأنها حل سحري لمشكلة فقدان السمع، دون تقديم معلومات شاملة حول المخاطر والتحديات المرتبطة بالعملية. إنهم يتجاهلون الجانب الطبي والتأهيلي، والتركيز فقط على الجوانب الإيجابية لجذب المزيد من المتبرعين والمستفيدين المحتملين. هذه الاستراتيجيات الإعلانية قد تضلل الأسر وتجعلها تتخذ قرارات غير مدروسة تحت ضغط الإعلانات المغرية
يلعب هؤلاء السماسرة على وتر العواطف الإنسانية، محاولين استغلال رغبة الناس في فعل الخير ومساعدة الآخرين. يستخدمون مصطلحات مثل "الصدقة الجارية" أو "إحياء الأمل" لجذب التبرعات، دون تقديم توضيحات دقيقة حول العواقب الممكنة للعملية. هذا النوع من الاستغلال يتجاهل المسؤولية الأخلاقية تجاه صحة الأطفال وعائلاتهم، ويسعى لتحقيق مصالح مالية بحتة
من أهم المشكلات في هذا السياق هو عدم وجود شفافية في طريقة إدارة هذه العمليات. قد يتم استخدام التبرعات بطريقة غير فعالة أو حتى بشكل مشبوه، مما يترك العائلات في موقف صعب حال مواجهة أي مشاكل بعد العملية. قد يجد الأهل أنفسهم غير مدعومين طبيا أو نفسيا، مما يزيد من تعقيد وضع الطفل الصحي والنفسي
من المهم أن يتم توعية الجمهور بمخاطر الترويج غير المسؤول لعمليات زرع القوقعة. يجب على الأهل أن يبحثوا بدقة عن الجهات الموثوقة والمؤسسات الصحية المعترف بها التي تقدم هذه الخدمات. كما يجب على الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، أن تقوم بمراقبة الأنشطة المتعلقة بالإعلانات والترويج لمثل هذه العمليات، وأن تتخذ إجراءات ضد المخالفين
عمليات زرع القوقعة قد تكون نعمة للأطفال الذين يعانون من فقدان السمع، لكنها تتطلب توجيها طبيا دقيقا وتوعية كاملة للمخاطر والفوائد. من الضروري أن يكون المجتمع على دراية بتلك المخاطر، وأن يتخذ قرارات مبنية على معلومات صحيحة ومسؤولة، بعيدا عن أي تأثيرات استغلالية أو دعائية غير مشروعة
يمكن الاطلاع على الأبحاث والمراجعات العلمية التي تناقش معدلات النجاح والفشل لأجهزة القوقعة الإلكترونية عبر قواعد البيانات العلمية، أو من خلال مقالات المجلات العلمية المتخصصة في علم السمع وعلوم النطق واللغة. للحصول على أدلة قوية، ينصح بالبحث في الدراسات التي تستعرض مجموعة كبيرة من الحالات وتقدم تحليلا شاملا للعوامل التي تؤثر على النجاح و الفشل