الحي المحمدي: مهد الثقافة والموروث الفني في قلب الدار البيضاء


 

 

يعد الحي المحمدي واحدا من أبرز أحياء مدينة الدار البيضاء، فهو ليس مجرد حيّ سكني، بل يمثل نقطة إشعاع ثقافي وفني غني بالتاريخ والموروث. يمتزج في الحي عبق الماضي مع نبض الحاضر، حيث شكّل محطة رئيسية في تطور الموسيقى المغربية المعاصرة، وموطنا للمجموعات الغنائية التي ساهمت في إغناء الساحة الفنية الوطنية


تاريخ الحي المحمدي مرتبط ارتباطا وثيقا بالمجموعات الغنائية التي انطلقت منه، مثل مجموعة ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب. هذه المجموعات لم تكن مجرد فرق موسيقية، بل كانت صوت الشعب وهمومه، تعكس من خلال كلماتها وألحانها قضايا اجتماعية وسياسية بأسلوب فريد يمزج بين التراث الشعبي المغربي والموسيقى العالمية.

تعتبر ناس الغيوان، على وجه الخصوص، رمزا من رموز الحي، حيث وُلدت أغانيهم في أزقته وملأت ألحانهم مسارح العالم، مما جعل الحي المحمدي يُلقب بـ"حي الغيوان".


الحي المحمدي ليس مجرد موقع جغرافي، بل هو ذاكرة حيّة لمدينة الدار البيضاء. يحتضن الحي تاريخا غنيا يعبّر عن الهوية المغربية بامتياز، من خلال الحفاظ على التراث المعماري، مثل المنازل ذات الطراز التقليدي، والأسواق الشعبية التي ما زالت نابضة بالحياة. كما يعتبر الحي منبرا للمقاومة الوطنية خلال فترة الاستعمار، حيث كان مأوى لرموز النضال.


كانت سينما شريف وسينما سعادة معلمين بارزين في المشهد الثقافي للحي المحمدي. شكّلت هذه القاعات السينمائية ملتقى لعشاق الفن السابع، حيث عرضت فيها أروع الأفلام الوطنية والعالمية

سينما شريف، بموقعها الاستراتيجي، كانت رمزا للفن الراقي، بينما كانت سينما سعادة فضاء اجتماعيا يجمع سكان الحي للاستمتاع بالعروض السينمائية. على الرغم من تراجع دور السينما في العصر الحديث، فإن ذكرياتها ما زالت محفورة في أذهان الأجيال التي عاصرت مجدها


لعبت دار الشباب في الحي المحمدي دورا كبيرا في دعم الشباب وتنمية مواهبهم. كانت فضاء لاحتضان الأنشطة الثقافية، المسرحية، والموسيقية، حيث انطلقت منها العديد من المواهب التي أصبحت رموزا في الساحة الفنية الوطنية. كما كانت مركزا للتعبير الحر وإبراز الهوية الثقافية للحي


يقف ملعب العربي الزاولي شامخا في الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، كأحد أبرز المعالم الرياضية التي تحمل ذاكرة غنية بالأحداث والتاريخ. هذا الملعب ليس مجرد فضاء رياضي، بل هو شاهد على محطات هامة من تاريخ كرة القدم المغربية، ويمثل جزءا من الهوية الثقافية والرياضية للحي المحمدي وللمدينة بأكملها


تأسس ملعب العربي الزاولي في خمسينيات القرن الماضي، وسمّي باسم أحد رموز الرياضة المغربية، العربي الزاولي، الذي كان لاعبا ومدربا ترك بصمته في تاريخ كرة القدم الوطنية، وخاصة في نادي الاتحاد البيضاوي (الطاس)

احتضن الملعب على مر العقود مباريات حماسية لفريق الاتحاد البيضاوي، الذي يعتبر الفريق الأول للحي المحمدي، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات الرياضية الأخرى التي جعلت منه قبلة لعشاق الرياضة


ختاما، يظل الحي المحمدي ذاكرة نابضة تنبض بالإبداع والمقاومة والتاريخ، مما يجعله واحدا من أبرز المعالم الثقافية في المغرب