في مقالته المنشورة في مجلة "التجديد العربي" (العدد الأول/ يناير 2025)، يسعى الدكتور المعتصم الشارف إلى تقديم تحليل نقدي عميق حول واقع الفكر الفلسفي في الجامعة المغربية ورؤيته المستقبلية. وتتمحور الرسالة حول طرح تساؤلات أساسية تتعلق بمستقبل الفكر الفلسفي في الجامعة، وكذلك بإعادة تقييم المنتج الفكري الفلسفي الجامعي. في هذا الإطار، يشير المعتصم إلى أن الفكر الفلسفي في المغرب لا يزال يعاني من إشكاليات على مستوى الإنتاج العلمي وندرة الدراسات الفلسفية الجامعية التي تساهم في تطوير هذا الفكر
محتوى الرسالة
:
الرسالة تستعرض تاريخ الفكر الفلسفي في الجامعات المغربية وتتناول المسارات المختلفة التي تبعتها هذه المؤسسات في سبيل تطوير تعليم الفلسفة. وقد تطرق الكاتب إلى المراحل المتعددة التي مرت بها الجامعة المغربية منذ نشأتها حتى الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الفلسفة، رغم أهميتها الثقافية والفكرية، لا تزال تجد نفسها في ظل إشكاليات تتعلق بالفجوة بين الأجيال الفلسفية المختلفة، وخاصة بين الجيل المؤسس للدرس الفلسفي في الجامعات المغربية وجيل اليوم
يعتقد المعتصم أن قلة الدراسات والبحوث التي تتناول حصيلة الدرس الفلسفي الجامعي المغربي يعكس واقعا محبطا، ويتطلب إعادة التقييم والنقد الموضوعي. كما يشير إلى أن الفكر الفلسفي في الجامعة المغربية بحاجة إلى إعادة ترتيب على كافة الأصعدة، وذلك لفتح آفاق جديدة تمكن الفكر الفلسفي من استعادة ديناميكيته والتفاعل بشكل أكثر إيجابية مع القضايا الاجتماعية والثقافية في المغرب
أبعاد رسالة الجامعة
:
من أبرز المساهمات التي يقدمها المعتصم في رسالته هو التأكيد على ضرورة التفكير في دور الجامعة في المجتمع، وخاصة في إطار رسالة الفلسفة الجامعية. فقد أشار إلى أن الجامعة يجب أن تتبنى رسالة واضحة، تستند إلى استقلاليتها الفكرية والبحثية، وتساهم في تكوين الأجيال القادرة على التفكير النقدي والمبدع. هذه الرسالة، في نظره، لا تتجسد فقط في التدريس، بل في صياغة التوجهات الفلسفية التي من شأنها إثراء الساحة الفكرية الوطنية والدولية
ومع أن المعتصم لا يغفل السياق التاريخي والاجتماعي الذي يحيط بالجامعة المغربية، إلا أنه يدعو إلى تبني رؤية نقدية لواقع الجامعة، وضرورة التحرر من القيود التي قد تضعف من تأثير الفلسفة في العملية التعليمية. ومن بين القضايا التي يعالجها، يشير إلى العوائق التي تفرضها السياسة التعليمية، فضلا عن غياب الاستمرارية في الحوار بين الأجيال الفلسفية
التوجهات المستقبلية
:
يحاول الدكتور المعتصم من خلال رسالته فتح نقاش موسع حول كيفية تحسين وتطوير الدرس الفلسفي في الجامعة المغربية. وفي هذا السياق، يؤمن بأن إعادة بناء تقاليد هذا الدرس أمر بالغ الأهمية لتحقيق التقدم المطلوب. وينبغي أن يتم هذا عبر إرساء بيئة أكاديمية تساهم في تحفيز البحث الفلسفي المبتكر، وتوسيع نطاق الدراسات الفلسفية لتشمل مجالات أخرى كفلسفة العلوم والفلسفة الإسلامية، مما يتيح للفكر الفلسفي أن يصبح أداة فاعلة في التحليل والنقد الاجتماعي والثقافي
المراجع
:
من خلال اعتماد د/المعتصم الشارف على بعض الأعمال المرجعية، مثل "أسئلة الفكر الفلسفي في المغرب" لكمال عبد اللطيف و"المغرب المعاصر" لمحمد عابد الجابري، وكذلك دراسات أحمد بوحسن حول الجامعة المغربية، يعزز مقاله بالمنهجية العلمية والنقدية التي تساهم في إضاءة أبعاد الإشكاليات المطروحة في الرسالة
في الختام، إن "رسالة الجامعة، رسالة الفلسفة" تشكل دعوة قوية لإعادة التفكير في دور الجامعة المغربية في تطور الفكر الفلسفي، وضرورة تجديد مناهج التعليم الفلسفي بما يتلاءم مع التحولات المعرفية والثقافية المعاصرة. وبينما يقدم الدكتور المعتصم الشارف رؤية نقدية معمقة لواقع الجامعة والفلسفة فيها، فإنه لا يكتفي بتحديد مواطن الخلل، بل يعرض بدائل حيوية للمستقبل، مما يجعل عمله بمثابة مرجع مهم للمشتغلين في حقل التعليم الفلسفي