قراءة سيكولوجية في كتاب "الصحة في منظور علم النفس" لمحمد عويضة بقلم مصطفى توفيق باحث في علم النفس الإكلينيكي والمرضي

 




يعد كتاب "الصحة في منظور علم النفس" للدكتور محمد عويضة من المراجع المهمة التي تسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الصحة وعلم النفس، حيث يتناول فيه العوامل النفسية المؤثرة على الصحة العامة، ودور العمليات الذهنية والسلوكية في تعزيز الرفاه الجسدي والعقلي.


الصحة من منظور نفسي: بين الجسد والعقل


ينطلق الكاتب من منظور علم النفس الصحي، وهو فرع من علم النفس يركز على تأثير العوامل النفسية في الصحة والمرض. ويؤكد أن الصحة ليست مجرد غياب المرض، بل هي حالة من التوازن النفسي والجسدي والاجتماعي، تتأثر بعوامل متعددة، منها:


الحالة المزاجية والعاطفية: حيث تلعب المشاعر السلبية مثل القلق والتوتر دورا في إضعاف الجهاز المناعي وزيادة احتمالية الإصابة بالأمراض.


الضغوط النفسية: يوضح الكاتب كيف أن الضغوط اليومية، إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحي، قد تؤدي إلى اضطرابات جسدية مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب.


السلوكيات الصحية: مثل النظام الغذائي، ممارسة الرياضة، والنوم الجيد، والتي تعد عوامل نفسية بقدر ما هي جسدية.


أهمية الدعم النفسي والاجتماعي


يشير الكاتب إلى أن الدعم الاجتماعي يلعب دورا مهما في تحسين الصحة النفسية والجسدية، حيث تساهم العلاقات الإيجابية في تقليل التوتر وتعزيز الشعور بالأمان النفسي. كما يتناول أهمية التفكير الإيجابي والتفاؤل في تعزيز جهاز المناعة والوقاية من الأمراض.


الصحة النفسية والوقاية من الأمراض


يركز الكتاب على ضرورة التدخلات النفسية في الوقاية والعلاج، مثل العلاج السلوكي المعرفي وتقنيات الاسترخاء والتأمل، والتي تساعد في تقليل القلق والاكتئاب وتحسين الصحة العامة. كما يشدد على أهمية التوعية النفسية للحد من العادات الضارة مثل التدخين أو الإفراط في تناول الأطعمة غير الصحية.


الكتاب من منظور سيكولوجي


من الناحية السيكولوجية، يقدم الكتاب رؤية متكاملة للصحة، تتجاوز النموذج الطبي التقليدي الذي يركز على العلاج الجسدي فقط. فهو يعزز الفكرة القائلة بأن العقل والجسد يشكلان وحدة مترابطة، وأن العوامل النفسية ليست مجرد انعكاس للحالة الصحية، بل قد تكون السبب الجذري لكثير من الأمراض.


في الختام، يعد كتاب "الصحة في منظور علم النفس" مساهمة قيمة في فهم العلاقة بين الصحة وعلم النفس، حيث يسلط الضوء على أهمية الوقاية النفسية، ودور التفكير الإيجابي، والتأثير العميق للحالة العاطفية في الصحة العامة. وهو دعوة لكل فرد لإعادة النظر في عاداته وسلوكياته من منظور نفسي، إدراكا لأهمية الصحة العقلية في تحقيق جودة الحياة.