يعد كتاب
The Psychopath Whisperer
للدكتور كينت كيل
Kent A. Kiehl
من أبرز الأعمال التي تسلط الضوء على الشخصية السيكوباتية من منظور علم الأعصاب وعلم النفس السريري. كيل هو عالم أعصاب متخصص في دراسة أدمغة المجرمين، وقد أجرى أبحاثا واسعة على السجناء باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي
fMRI
لفهم كيفية عمل الدماغ السيكوباتي مقارنة بالعقل الطبيعي
الشخصية السيكوباتية من منظور علم الأعصاب
يركز الكاتب على أن الشخصية السيكوباتية ليست مجرد مجموعة من السمات السلوكية، بل لها أساس بيولوجي عصبي واضح. استنادا إلى أبحاثه، يوضح كيل أن السيكوباتيين يعانون من خلل في اللوزة الدماغية والفص الجبهي، وهما منطقتان مسؤولتان عن التحكم في المشاعر واتخاذ القرارات الأخلاقية. هذا الخلل يجعلهم غير قادرين على الشعور بالخوف أو التعاطف بالطريقة نفسها التي يشعر بها الأشخاص العاديون
السمات النفسية والعصبية للسيكوباتيين
يوضح كيل أن السيكوباتيين يتميزون بمجموعة من السمات، أبرزها
:
1
ضعف الشعور بالخوف – يظهر هذا في غياب ردود فعلهم العاطفية تجاه المواقف المخيفة أو الصادمة
2
انخفاض النشاط في اللوزة الدماغية – مما يؤدي إلى غياب التعاطف والشعور بالندم
3
الاندفاعية والبحث عن الإثارة – لديهم ميل قوي للمجازفة دون الاهتمام بالعواقب
4
التلاعب والخداع – يستخدمون مهاراتهم الاجتماعية للتلاعب بالآخرين لمصلحتهم
5
عدم القدرة على تعلم الدروس من الأخطاء – حتى بعد العقاب أو العواقب السلبية، لا يظهرون أي تغيير في سلوكهم
الأبحاث الميدانية ودراسة السجناء
يقدم كيل أمثلة حقيقية من عمله في السجون الفيدرالية، حيث أجرى فحوصات دماغية لمئات السجناء باستخدام التصوير العصبي. وجد أن السيكوباتيين يظهرون نشاطا منخفضا في المناطق الدماغية المسؤولة عن المعايير الأخلاقية والانفعالات العاطفية، وهو ما يفسر لماذا لا يشعرون بالندم أو التعاطف.
إحدى الحالات التي يناقشها في الكتاب تتعلق بسجين سيكوباتي لم يظهر أي رد فعل عاطفي عند التحدث عن جرائمه، مما يؤكد الفجوة العاطفية العميقة لديهم
السيكوباتية والوراثة مقابل البيئة
يناقش كيل مسألة هل يولد الشخص سيكوباتيًا أم يصبح كذلك بفعل البيئة؟ بناء على أبحاثه، يرى أن هناك عوامل وراثية تساهم بشكل كبير في السيكوباتية، ولكن العوامل البيئية مثل سوء المعاملة في الطفولة قد تلعب دورا في تطور الاضطراب
العلاج وإمكانية التأهيل
على عكس بعض الباحثين الذين يعتقدون أن السيكوباتية غير قابلة للعلاج، يقترح كيل أن هناك استراتيجيات تدخلية قد تساعد في تقليل بعض السلوكيات الخطرة، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT). ومع ذلك، يوضح أن نجاح العلاج محدود، خاصة إذا لم يكن الشخص السيكوباتي راغبا في التغيير
رأي نقدي
يتميز الكتاب بأسلوبه السردي الممتع، حيث يجمع بين القصص الواقعية والنتائج العلمية، مما يجعله جذابا لكل من القارئ العادي والمتخصص. ومع ذلك، يمكن انتقاد الكتاب لكونه يركز بشكل كبير على الجانب العصبي، متجاهلا أحيانا التأثيرات النفسية والاجتماعية التي قد تلعب دورا في تشكيل السلوك السيكوباتي.
في الختام، يعتبر كتاب
The Psychopath Whisperer
إضافة قيمة إلى مجال علم النفس العصبي، حيث يقدم رؤية علمية حديثة حول الدماغ السيكوباتي، معتمدا على دراسات حقيقية باستخدام تقنيات متطورة. يساعد هذا الكتاب في فهم كيف يفكر السيكوباتيون ولماذا يتصرفون بالطريقة التي يفعلونها، مما يجعله مرجعا مهما للباحثين في علم النفس وعلم الإجرام