يصادف اليوم الثاني من أبريل من كل عام اليوم العالمي للتوعية باضطراب طيف التوحد، وهي مناسبة أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2007، بهدف تسليط الضوء على ضرورة تحسين جودة حياة الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب وضمان إدماجهم الكامل في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
اضطراب طيف التوحد هو حالة نمائية عصبية معقدة، تظهر عادة في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وتتميز بصعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي، إضافة إلى أنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. يختلف طيف التوحد من شخص إلى آخر، ولهذا فإن تسميته بـ"الطيف" تعكس التنوع الكبير في الأعراض والقدرات.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُقدر أن طفلا واحدا من بين كل 100 طفل في العالم مصاب بالتوحد، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات التشخيص خلال السنوات الأخيرة، بسبب زيادة الوعي وتطوّر أدوات الكشف المبكر.
وفي هذا السياق، تقول الدكتورة ماريان أندروز، أخصائية في علم الأعصاب التطوري: "كلما كان التشخيص مبكرا، زادت فرص التدخل الناجع الذي يساهم في تنمية المهارات الاجتماعية والمعرفية لدى الطفل المصاب بالتوحد."
تلعب الأسرة دورا محوريا في حياة الطفل المصاب بالتوحد، حيث تشكل الحاضنة الأولى لدعمه وتعزيز ثقته بنفسه. وتؤكد الدراسات الحديثة أن انخراط الأسرة في البرامج العلاجية والسلوكية، وتلقيها للتدريب اللازم، يمكن أن يحقق نتائج إيجابية على مستوى تطور الطفل.
كما أن المؤسسات التعليمية مطالبة باعتماد استراتيجيات بيداغوجية مرنة، تراعي خصوصيات كل طفل. وتشمل هذه الاستراتيجيات: التعليم الفردي، دعم التواصل البصري واللفظي، تعزيز المهارات الاجتماعية، وتوفير بيئة صفية آمنة ومشجعة. تقول الأستاذة نادية بنعيسى، متخصصة في التربية الدامجة: "المدرسة الدامجة هي التي تفتح أبوابها للجميع، وتكيّف مناهجها وأساليبها لتناسب قدرات واختلافات المتعلمين دون تمييز."
وبهذه المناسبة، ينظم ماستر سيكوسوسيولوجية الإعاقة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية ندوة وطنية تحت عنوان: "اضطراب طيف التوحد: الواقع والتحديات"، وذلك يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 على الساعة 14:00. الندوة تنعقد بتنسيق الدكتورة خلود السباعي والأستاذ عبد الصمد بانة، وبشراكة مع مؤسسة التعاون الوطني، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومدرسة علوم الترويض الخاصة بالدار البيضاء.
هذه المبادرة العلمية والتشاركية تعكس الاهتمام المتزايد بالأشخاص في وضعية توحد، وتشكل مناسبة لمناقشة السياسات العمومية، والمقاربات التربوية والعلاجية، وسبل تحسين جودة الحياة والدمج المجتمعي لهذه الفئة.
إن اليوم العالمي لاضطراب طيف التوحد ليس مجرد لحظة رمزية، بل هو دعوة مفتوحة للإنصات، والفهم، والعمل المشترك من أجل بناء مجتمع متضامن، يعترف بالفرد في اختلافه، ويمنحه فرصا متساوية للنمو والمشاركة.