بكل تقدير واحترام، قرأت مقالكم الذي نشر على صفحات "أنفاس بريس" بتاريخ 13 أبريل 2025، والذي يحمل رؤية نقدية عميقة لما جرى في المؤتمر الدولي المنعقد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل. وقد لامستم من خلاله جوانب تنظيمية وعلمية لا يمكن إنكار وجودها في كثير من التظاهرات العلمية، سواء كانت محلية أو دولية، وهو ما يستدعي بالفعل وقفة تأمل ومراجعة نقدية مسؤولة
.
غير أن الإنصاف، كما تعلمنا من الكبار ، يقتضي أيضا الالتفات إلى بعض الومضات الإيجابية التي لا يمكن القفز عليها، ومنها – على سبيل المثال لا الحصر – الحضور الرمزي والوجداني لفلسطين، ممثلة في الكوفية الفلسطينية التي كان الدكتور حسن برهون، عضو الاتحاد الدولي للصحافة والإعلام والاتصال، يضعها على كتفيه، وهو يواكب فعاليات المؤتمر. وهي لفتة قوية ودالة، تؤكد أن فلسطين لا تغيب عن ضمير المثقف العربي، حتى وإن غفلت عنها بعض الكلمات الرسمية.
أما بخصوص ما تفضلتم به من ملاحظات حول كثافة العروض وضيق وقت المناقشات وغياب التنوع الجغرافي في تمثيلية المحاضرين، فهي بلا شك قضايا تستحق التنبيه إليها، لكنها لا تلغي الجهود المبذولة ولا النيات الحسنة التي تقف خلف تنظيم هذه المبادرات العلمية، خاصة وأن بعض المؤتمرات تعاني من ضعف الموارد وصعوبات لوجستيكية، قد تحول دون استيفاء كافة المعايير الدولية المثالية.
في الختام، يشكر قلمكم على صدقه وجرأته، فالنقد البناء ضرورة لإصلاح منظومة البحث العلمي والارتقاء بفعالياتنا الأكاديمية. كما أن دعوة أمثالكم إلى مراجعة مفاهيم "تكامل علوم الإنسان وعلوم الوحي" تشكل مساهمة ثمينة في نقاش إبستيمولوجي لا يزال مفتوحا، يتطلب المزيد من الجرأة، العمق، والابتكار.
فلكم التقدير، ولفلسطين الدعاء، وللبحث العلمي العربي كل الأمل.
بقلم: مصطفى توفيق
رئيس الاتحاد الدولي للصحافة والإعلام والاتصال
باحث في علم النفس الإكلينيكي والمرضي – جامعة عبد المالك السعدي